الأنواء في أشعار الهذليين

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وآله

وصحبه وعباده الصالحين إلى يوم الدين. وبعد

فهذا البحث عن الأنواء في أشعار الهذليين وهي قبيلة تسكن أرض الحجاز، والأنواء

هي المنازل التي ربط بها العرب حياتهم من كافة جوانبها عند سقوط نوء أو طلوع

رقيبة، فعرفوا الحسب والأمطار والنجوم والبرق والرعد والرياح، ومجئ البرد والحر،

وتدفق السيول والأدوية.

وقد دفعني إلى كتابة هذا البحث أمور منها:

1- هذا الموضوع لم يحظ بالدراسة الكافية ولم يجد العناية التي يستحقها من اهتمام في

هذا العصر مع أنها مربوطة بحياة البشر أرتباطًا وثيقًا.

2- قلة الاهتمام بدراسة شعر القبائل، وهذيل من القبائل القليلة التي جمع شعرها على

ضياع كثير منه.

3- الفائدة اللغوية التي يجنيها الباحث من دراسة شعر الهذليين مما تعينه على فهم لغة 

القرآن، ولما يمتاز به من دقة الوصف، ومتانة الأسلوب، وقوة العبارة، وحسن السبك،

وخصوصًا أن الدارسين لم يهتموا بدراسة لغة القبائل بالتفصيل والدقة الكافية، ولغة

هذيل تحتاج إلى وقفة خاصة.

4- إدحاض التهم التي يرمي بها المستشرقين التراث العربي بقلة تراثه النوائي وذلك 

من خلال الأشعار التي قدمت لنا معرفتهم بالأنواء التي اعتبرها ناضجة سبقها علماء

وشعراء عرفوا ودربوا على معرفة الأنواء كما لا يخفى مكانة الأنواء من القصيدة

العربية التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ منها.

وقد قمت أو ً لا بقراءة شعر الهذليين ثم استخرجت أبيات الأنواء، وبالمقابل استخرجت

بعض أشعار العرب في الأنواء. ثم بحثت عن كلمة الأنواء وما يتعلق بها في الكتب، ثم

قمت بجمع تاريخ القبيلة من الكتب التي لم تسعف بما فيه الكفاية لإبانة جوانب القبيلة

في نواح مختلفة ما اضطرت لاستخلاص حياتهم من خلال أشعارهم في النواحي اللغوية

والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وثانيًا قمت بترتيب وتصنيف وتحليل أشعارهم

ومقارنتها مع صور الشعر العربي مستخرجًا منها وصفهم وفنهم، ومبينا مدى تأثرهم

ببيئتهم والبيئات المحيطة بهم، والبيئات الأخرى، وقد درست وناقشت استخداماتهم وكان

هذا أصعب ما واجهني في الدراسة.

ولقد قمت باقتباس جزء واستعارة جزء وتصوير الجزء الآخر وبتحصيل بعض منها من

خارج البلاد، ثم صببت اهتمامي بدراسة كتب البلاغة والنقد لأن الدراسة متعلقة بدراسة

الجوانب الفنية في القصائد. وقد يجد القارئ بعض الأبيات التي تكررت لاشتمالها على

أكثر من غرض. ومن الصعوبات التي واجهتني تصنيف أبيات الأنواء في السحب

والأمطار والبرق والرعد لارتباطها مع بعضها البعض.

لتصفح او تحميل الكتاب